الجمعة، 16 مارس 2012

شبابنا وخندق البطالة

يمثل الشباب الموريتاني حسب الإحصاءات الحكومية قرابة 70% من إجمالي السكان وحسب التقديرات أيضا فإن نحو 430الف من هؤلاء الشباب لا يجدون عملا , اللافت في الأمر هنا إن موريتانيا تعاني ، رغم قلة سكانها وثرائها الاقتصادي الكبير المميز، مشكلا عويصا وخطر هو ارتفاع نسبة البطالة، وبالتالي انسداد الأفق في وجه الشباب الحالم، في ظل هذه المفارقة الغريبة كيف نفسر الظاهرة؟...

تتراوح نسبة البطالة في موريتانيا مابين 31% الى35% وتعد هذه النسبة هي الأعلى وسط المعدلات العربية التي تتراوح حول 20% في المتوسط ,وقد بدأت البطالة في التفشي في موريتانيا في سبعينيات القرن الماضي مع سنوات التصحر والجفاف تلتها نصائح البنك المركزي الدولي التي فرضت على الحكومة بوقف تعيين الخريجين وإعادة هيكلة القطاعات الإدارية , تزامن مع هذا كله تراجع قدرة القطاع الخاص على استيعاب مزيد من العمالة سنويا , ويرى البعض ان السبب الحقيقي وراء تفاقم أزمة البطالة في موريتانيا يكمن في عدة عوامل سلبية أهمها :
ان القطاع الحكومي هنا يشغل فقط 3% من القوة البشرية العاملة , مع عجز واضح للقطاع الخاص على توظيف العمالة فحتى الشركات العملاقة في موريتانيا كالشركة الوطنية للصناعة والمناجم لا تشغل إلا 0.5% فقط من القوة العاملة, هذا كله فضلا عن المنافسة الغير عادلة التي يواجهها الشاب الموريتاني في سوق عمله بحيث ان مليون عامل اجنبي يتواجدون هنا ينافسونه فمثلا قطاع الصيد يوفر اكثر من 600 ألف وظيفة لا يعمل منها إلا عشرة آلاف موريتاني والبقية يشغلها الأجانب , هذا في حين ان الرابطة الوطنية لحملة الشهادات العاطلين عن العمل والتي يناهز عدد المسجلين فيها حاليا أكثر من 2000 يحملون شهادات وفي مختلف التخصصات، باتوا يشتكون من ازدياد عدد الخريجين العاطلين وتقلص فرص العمل , وكما إن الوكالة الوطنية لترقية تشغيل الشباب والتي أنشئت بهدف الحد من هذه الظاهرة المتفشية باتت هي الأخرى عاجزة عن خلق الفرص الكافية لهذا الجيش الخارق من العاطلين عن العمل والذين لسان حالهم يقول (قوت يومنا بأعناقكم) ,ومما زاد الطين بلا والامر تعقيدا هو السياسة التي اعتمدتها الحكومة مؤخرا في ما يعرف بمسابقة الوظيفة العمومية والتي اعتمدت على زيادة فترة التكوين حتى ثلاث سنوات , وهو إجراء اعتبره الكثيرون غير منصف بحقهم ولا بحق حملة الليسانس والماستر والدكتوراه.
هكذا اذن ولأن التعليم في موريتانيا في واد وسوق العمل في واد آخر دفعت الأقدار بغالبية الشباب الموريتاني الى العمل في لمجال القطاع غير المصنف كالحلاقة والتجارة وغيرها وسط تجاهل تام للحكومات المتعاقبة, والآن وبعد ان استفحلت الأزمة وبات خطر انفجارها يلوح بالأفق ,صار لزاما على الدولة وباعتبار ان أملنا كبير بأن موريتانيا الجديدة قادرة على معالجة هذا المشكل ووضعه في الحسبان حتى يتسنى لها حله حلا جذريا منافيا لسياسات المتعجرفة والمتخبطة السابقة , وعلى الحكومة هنا أيضا إن لا تنسى بأن أزمة البطالة كانت المحرك الأول للربيع العربي.
الشيخ ولد التراد
sheikhtorad90@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق