الجمعة، 9 مارس 2012

دفاعا عن السيادة الموريتانية

أخيرا كشفت تحليلات الصحافة المغربية عن مستوى ازدراء المملكة باستقلالية القرار الموريتاني، عندما رأى محللون مغاربة في رسالة التهنئة للرئيس الموريتاني الموجهة للشعب الصحراوي الشقيق بمناسبة إعلان الجمهورية الصحراوية، "تجاوزا" غير مقبول من جانب
موريتانيا لمبدأ الحياد في القضية الصحراوية.
بلغ حد "الانفعال" المغربي من تلك الرسالة حد "التهديد" الصريح وذلك عندما يقول هؤلاء "المحللون" أن المغرب لن...
يظل يتفرج على المواقف الموريتانية المتقلبة، وستكون قضية الصحراء خطا أحمر في هذا الصدد.
لم يفعل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ما يسبب تلك "التهديدات" و"الانفعالات"، فالرجل بعث برسالة تهنئة إلى رئيس دولة تعترف بها موريتانيا وأكثر من 80 دولة وعضو في الاتحاد الافريقي وليس هذا فحسب، بل إن الشعبان الموريتاني والصحراوي يتقاسمان الانتماء المشترك للمجتمع الحساني ويتداخلان في امتداد قبلي وعرقي ينطبق عليهما الوصف بشعب واحد في دولتين مختلفتين. أو بيضتان في قفص واحد كما يقول مؤسس الجمهورية الصحراوية الولي مصطفي السيد.

لا يعني الحياد في مسألة الصحراء تواطئا مع الاحتلال المغربي للإقليم بل أن الحياد يفرض على الدولة الموريتانية احتضان تمثيل دبلوماسي للشعب الصحراوي في موريتانيا على غرار سفارة المملكة في نواكشوط. ولا يعني الحياد الحد من حرية موريتانيا في تطوير علاقاتها مع بلد جار وشقيق كالجزائر بمجرد أنها ترعى مصالح الشعب الصحراوي وتدافع عنه في إطار الأخوة وفي إطار الإنسانية كبلد عاني من الاستعمار الفرنسي، لأكثر من قرن وقدم مليون ونصف المليون في سبيل حريته... ويعرف ماذا يعني الاحتلال.
السيادة الموريتانية هي كذلك خط أحمر لا يجب الاقتراب منه.. ذلك أن أي موقف حتى ولو كان مجرد تحليل صحفي يعبر عما يجول في خاطر أصحاب القرار في المغرب، يلوح بالتهديد ردا على ممارسة موريتانيا لسيادتها، يعتبر "إهانة" لموريتانيا يجب الرد عليها أيضا بنفس الأسلوب.
فإلى هؤلاء المحللين ينبغي التنبيه إلى أن موريتانيا لا يجب عليها أن تبقى ملتزمة بذلك الحياد السلبي الذي يجعلها مكبلة أمام مساعدة دولة شقيقة وشعب توأم، يسومه عرش ملكي جائر صنوف التعذيب والتنكيل ويسلب خيراته.
فعصر الثورات والحرية يعلمنا أن التصالح مع الشعوب والقضايا العادلة أولى من الالتزام بتلك المواقف التقليدية التي فرضتها ظروف معينة, ما يفرض علينا كموريتانيين مخاطبة الدولة المغربية بشكل صريح بأن الاحتلال المغربي للأراضي الصحراوية والاستيلاء على خيراتها وضم الإقليم بالقوة هو أيضا خط احمر جديد بالنسبة لهذا الشعب الموريتاني.

المملكة المغربية مطالبة بحكم الاحترام المتبادل مع جارها الموريتاني بالكف عن كل ما يؤدي إلى استفزاز مشاعر أكثر من ثلاثة ملايين. سواء تعلق الأمر بالأعمال القمعية التي كان أخواننا الصحراويين المدافعين عن حقوق الإنسان عرضة لها أو عمليات القتل والحرق التي تعيش فصولها حاليا سكان الأقاليم الصحراوية.
المواقف الموريتانية الرسمية والشعبية اليوم أصبحت مطالبة أكثر في رد الصاع صاعين للمغرب سيما بعد تكرار المواقف التي تنفذ منها رائحة العداء الواضح لموريتانيا جارها القريب وشريكها في الاتحاد المغاربي.
فدور المغرب في حرمان موريتانيا من عضو دائم في مجلس الأمن لا يزال عالق في أذهان كل موريتاني غيور، حيث صوتت المغرب "لتوغو"، في الجولة الثانية لأختيار عضو ثاني عن إفريقيا في مجلس الأمن.

وبالأمس القريب وقفت المغرب بقوة مع السينغال خلال أحداث سنة 1989 دون أي اعتبار لعلاقات العروبة والجوار والتاريخ.
فهل نحن وحدنا المطالبين بأن نكون أكثر التزاما بمواقف الاحترام المتبادل؟ أم أن موريتانيا هي كذلك "إقليم جنوبي" للمغرب؟
بالنسبة لكل محلل يستشرف المستقبل فإن ذلك العهد الذي فرض على موريتانيا الحياد المخزي قد ولى... ذلك ما ينبئ عنه الالتحام الملاحظ حاليا بين المواقف الشعبية والمواقف الرسمية الموريتانية المساندة لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره..
هي إذن بشارة خير للشعب الصحراوي إلى أن فجر الاستقلال قد لاح في الأفق وما ذلك على الله بعزيز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق