أصدرت "مجموعة من الصحفيين والمهتمين بالحقل الإعلامي" بيانا حمل عنوان "كشف المستور"، شجبت فيه بشدة الواقع المشين و المزري الذي تعيشه الصحافة المستقلة في موريتانيا وما يطبعه من تصارع اللوبيات على المصالح الضيقة و"الإبداع في في العمل المخابراتي"، والتقرب من السلطة.. و في البيان الذي تلقت لبجاوي نيوز نسخة منه, تعهدت المجموعة "بفضح كل الممارسات المشينة في القطاع، حتى تتجلى الحقيقة وتتم غربلة الحقل الصحفي، وتنقيته من أدعياء المهنة، والساعين إلى بقائه كما هو عليه الآن من حالة يرثى لها"
نص البيان:
يعيش قطاع الصحافة المستقلة في موريتانيا اليوم حالة كارثية، نتيجة لعدة عوامل نذكر منها:
ـ تصارع لوبيات ـ عششت طويلا في القطاع ـ على مصالح ضيقة، ضاربة عرض الحائط بالنداءات المتكررة لإصلاحه وتنقيته من أدعياء المهنة الصحفية.
وهو الصراع الذي كان له الأثر البالغ على حقل الصحافة المستقلة، فقد تسبب في تراجع الاوربيين عن دعم القطاع، وعطل مسار الحكومة الموريتانية الرامي إلى إصلاحه، كما يشكل ـ الآن ـ عقبة كأداء أمام انشاء صندوق لدعم الصحافة.
ـ تسابق معظم الصحافة، أو اشباه الصحافة إلى الابداع في العمل المخابراتي...
من خلال نقل معلومات مزيفة ـ في أغلب الأحيان ـ إلى صناع القرار، ومن يدورون في فلكهم، بدل التفكير في تطوير المهنة، وتنمية قدرات العاملين فيها. ولم يقتصر هؤلاء على العمل المخابراتي في موريتانيا فحسب، وإنما تجاوزوه إلى العمالة لجهات أجنبية (فرنسا، الولايات المتحدة، اسرائيل، ايران، المغرب، ليبيا، الجزائر...الخ)، هذا بالاضافة إلى خدمة اجندا شخصيات موريتانية خارج البلاد معروفة بعمالتها لجهات أجنبية.
ـ تطبيع بعض (الصحفيين) علاقات مشبوهة مع مجموعة من سدنة الأنظمة المتعاقبة، ورموز الحرس القديم من المفسدين الذين نهبوا ثروات البلاد، قبل أن يشرع النظام الحالي في محاولة وضع حد للفساد الذي استشرى في الادارة طيلة العقود الماضية.
ـ تعدد التكتلات الصحفية عديمة الجدوائية، بحيث أصبح لكل "لوبي" من هذه اللوبيات نقابة، أواتحاد، أو رابطة صحفية، يحاول من خلالها جمع ما أمكن جمعه من تمويلات ودعم.
ـ الانتماء السياسي والتخندق الاديولوجي، فغالبية الصحفيين الموريتانيين محسوبون على جهة سياسية معينة (موالاة، أو معارضة)، أو تيار اديولوجي محدد (إسلامي، قومي عربي، افرنكفوني، رأسمالي، شيوعي...)
إن تلك العوائق والمسلكيات السالفة الذكر تأتي في الوقت الذي يتجاهل فيه أصحابها ـ ممن هم محسوبون على المهنة الصحفيةـ المصالح العليا للقطاع، غير آبهين بمستقبله ولا بمستقبل العاملين فيه من صحفيين مهنيين، تلقوا مصاعب كثيرة في سبيل الرفع من شأن "مهنة المتاعب"، فمعظم المحررين اليوم لايتقاضون رواتبهم باستمرار ـ إن كانت لديهم رواتب أصلا ـ وليس لديهم تأمين صحي، ولا ضمان اجتماعي، ولا حتى علاوات عوضا عن اتعابهم الجمة، بل تجد بعضهم لم يقنن العلاقة بينه ورب العمل من خلال عقد عمل يضمن له حقوققه ويحميه من جبروت رب العمل.
لقد أدت تلك المسلكيات إلى جعل الحقل الصحفي ألعوبة في يد الكثيرين ممن لا يحملون حتى شهادة ختم الدروس الاعدادية، مما جعل أدعياء المهنة يتزايدون باستمرار، مع العلم أن بعض من حملوا شعارها أصلا ليسوا صحافة، ولا يحملون شهادات، وانما يدعي البعض منهم ـ كما ادعى شرف المهنة ـ أن لديه شهادات عليا من دكتورا.
وهكذا فتح باب القطاع على مصراعيه، أمام كل من هب ودب من الراغبين في امتطاء المهنة، فأصبح لكل فرد جريدة، أو موقع إلكتروني، وانتشرت ظاهرة "البشمركة"، في ظل غياب الرقابة والتقييم.
ليتم فيما بعد تأسيس ما يدعى بـ"الهابا" التي أوكلت لها مهمة تنظيم القطاع، لكنها عجزت منذ تأسيسها ـ حتى ـ عن تنظيم نفسها، وتحولت من مؤسسة مستقلة إلى مؤسسة سياسية تخدم اجندا معينة بعيدة عن مصالح الحقل الصحفي.
وفي ظل هذه الوضعية يفقد حقل الصحافة المستقلة في موريتانيا ـ يوميا ـ أصحاب الخبرات والكفاءة المهنية، لتبقى فيه مجموعة من "البشمركة" ذات الطراز العالي التي لا يهمها إصلاح القطاع، وإنما شغلها الشاغل هو تكديس المال، وشراء السيارات الفاخرة، وبناء العمارات الشاهقة في أرقى أحياء العاصمة.
فالبعض من هؤلاء بعد أن كانوا ـ في عهد ولد الطايع ـ يرتادون باستمرار منازل المفوض دداهي ولد عبد الله، واعل ولد محمد فال، قصد تنفيذ مهمة خاصة ـ هاهم اليوم ـ في عهد نظام الرئيس ولد عبد العزيزـ يحولون وجهتهم نحو اللواء محمد ولد الهادي، واللواء محمد ولد مكت، والعقيد الطيب ولد ابراهيم...
أما بعضهم فيفضل نقل الأخبار، ورفع التقارير عن الشخصيات، والتجمعات النقابية والسياسية...الخ للمستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية، وبعض اللوبيات المحيطة بالنظام، وعادة ماتكون تلك المعلومات المنقولة مزيفة وتهدف إلى النيل من زيد أو عمرو، مقابل امتيازات زهيدة.
وفي خضم هذا الوضع تضيع هيبة الصحافة المستقلة، ويتنامى احتقارها بين المواطنين، وتهتز مصداقيتها أمام الرأي العام، فصحافتنا اليوم تعتبر ـ في نظر الكثيرين ـ فاقدة للكرامة، سيئة السمعة والصيت بسبب التصرفات المشينة التي دأب البعض عليها.
وختاما فإننا في "مجموعة الصحافة والمهتمين بالحقل الإعلامي" ـ التي تهدف إلى إصلاح قطاع الصحافة الذي هو مستقبلنا، ومصدر رزقنا الوحيد ـ نوجه الأسلة التالية للرأي العام لعلها تجد أجوبة مقنعة:
1ـ كيف تفسرون الثراء الفاحش والسريع لبعض ( الصحفيين)، وكيف تمت استفادة (صحفيين) وصلوا للقطاع حديثا، في حين بقي أغلبية رواد الصحافة المستقلة القدماء دون استفادة تذكر؟
2ـ من أين حصل بعضهم على أسعار باهظة لتذاكر سفر إلى دول مختلفة من العالم؟
3ـ ومن أين حصلوا على عشرات الملايين من الأوقية لشراء سيارات فاخرة، وتشييد عمارات شاهقة في أحياء راقية من العاصمة نواكشوط؟ أهو من بيع صحفهم، أم من اشتراكات مواقعهم؟
4ـ لماذا بعض المسؤولين في السلطة يخافونهم دون الصحافة الأخرى، ويضخون فيهم الأموال؟ ماهو السر وراء ذلك؟
5ـ لماذا تدرج اسم جرائد غير مستمرة الصدور، أو مواقع الكترونية ليست معروفة، وليست حتى ضمن تصنيف "الآليكسا" المتعارف عليه ـ ضمن لوائح لدعم الصحافة الجادة، في الوقت الذي يتم فيه اقصاء وسائل إعلامية جادة ومتميزة، ليس لسبب سوى انها لا تربطها "علاقة" بفلان أو علان في هذه المؤسسة أو تلك؟
6ـ لماذا لا يتم فتح المجال أمام الصحفيون الشباب من أصحاب الشهادات الأكادمية، والسمعة النظيفة إلى تبوء مكانتهم اللائقة بهم في حقل الإعلام المستقل؟
7ـ ما هو تفسيركم لمنح امتيازات لشخص يدعى مهنة الصحافة، بمجرد انه يتشدق بكونه مقربا لرئيس الجمهورية (ولاء، ونسبا)وما شابه ذلك؟ وهو في الحقيقة لا صلة بينه مع رأس النظام، وانما يوهم بعض الشخصيات الضعيفة بذلك قصد تحقيق مآربه الشخصية.
8ـ لماذا يرضي بعض أشباه الصحافة من اذلال انفسهم أمام أهل السلطة والمال للحصول على فتاة موائدهم؟ أليست مهنة الصحافة مهنة نبيلة، ورائدها ينبغي عليه أن يكون عفيف النفس حسن السريرة، صدوقا، موضوعيا، ومحترما؟
مجموعة الصحفيين والمهتمين بالحقل الإعلامي
نواكشوط: الاحد 30 اكتوبر 2011
البريد الالكتروني:
Medyous70@yahoo.fr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق