السبت، 5 مايو 2012

سنوقع عريضة الرحيل ولكن من سيكون البديل؟

محمد فال ولد القاضي

قبل أن تعلن منسقية المعارضة عن إصدار " عريضة الرحيل " الهادفة إلى جمع مليون توقيع يطالب أصحابها برحيل الرئيس محمد ولد عبد ، لم أكن أتصور أن هناك من يعتقد أن من بين الثلاثة ملايين الذين هم عدد سكان موريتانيا بوجد مليون مغفل ، وأن هناك من لازال – كما كان – يراهن على ضعف ذاكرة الموريتانيين في سعيه للظهور بمظهر المستميت دفاعا عن مصلحة الوطن والمواطن بعد أن كان مصدر هدر لهذه المصلحة ، واليوم أيقنت أن كل شيء ممكن بعد الخرجة الجديدة لمن صحت ضمائرهم أخيرا بل لنقل من صارت لهم ضمائر "جديدة " تتألم لحال كانوا...
السبب فيه ( لم يكن في الأمر عجبا فقد كانت التماسيح تبكي على ضحاياها بعد قضمها ) . إن وقفة عابرة مع ماضي بعض قادة " دعوة الرحيل " تجعل المرء يتساءل عما إذا كنا فعلا شعبا من الأغبياء ، لذلك تجرأ هؤلاء " الدعاة " على استغبائنا لنؤمن بأنهم مخَلّصون ومخْلِصُون وننسى ماضيهم في تسيير شؤوننا ، لكن لا باس المهم أن تكون " شيئا " بالنسبة لهؤلاء وسنرضى بنظرة الاستغباء تلك ونوقع العريضة ثم نطلب الرحيل من الرئيس الذي اخترناه بالأمس في انتخابات أشرفت على تنظيمها حكومة كان هؤلاء " الدعاة " يتولون فيها الوزارات التي يمكن أن تلعب دورا في الحياد بعملية الاقتراع عن مسارها الصحيح ، ولكن قبل التوقيع سيكون من حقنا أن نتساءل عمن سيكون البديل ، فليس من المعقول أن نقطع رأس الدولة ثم نبدأ في البحث لها عن رأس ! . وبما أن الخيارات أمامنا محصورة في رؤوس " الدعاة " الذين بدأوا بالفعل حسب وسائل إعلام التحضير لتقاسم الأدوار والغنائم بعد " الرحيل "، فإننا يجب أن نعرف من سيكون رئيسنا القادم ، وأن نعد العدة لتحمل سخافاته واستغبائه لنا ، وأي من هؤلاء سيكون رئيسنا ؟ : 1/ الزعيم الذي بلغ من الكبر عتيا وهو يناضل للوصول ، وفي الطريق خلع ثوبه الديمقراطي ليكون أول " معارض " يساند الانقلابات ، ويكشف على أن هدفه الحقيقي هو الوصول للسلطة التي يبدو أنه سيظل يسعى لها حتى لو قدر له أن عاش بيننا ألفا وثلاثمائة سنين. 2/ " أبو الفتوح " الذي يمنح العاصين صكوكا للغفران من كل ذنوبهم بشرط الـ(تواصل) لا التوبة، وكان مستعدا ذات يوم أن يقايض القدس (والقدس شماعة من لا شماعة له) بوزارة وأمانة عامة لإحدى الوزارات حين حمل 3% التي حصل عليها في الانتخابات الرئاسية الماضية ليسوقها للنظام الذي يطالب اليوم برحيله، ولا زلنا – رغم غبائنا – نتذكر تحالفه معه في انتخابات مجلس الشيوخ، وعندما رفض ولد عبد العزيز منحه وزارة وأمانة عامة – بعد أن دهست الجرافات شماعته – تحول بقدرة قادر من "ناصح أمين" إلى مناكف عنيد .
3/ المدير الذي ظل طيلة ثلاثين سنة يكدس أقوات الموريتانيين بطرق غير شرعية ويكمم أفواههم، وكان يمثل قبضة ولد الطايع الحديدية التي يضرب بها معارضيه بمن فيهم حليفه اليوم "أبو الفتوح" ومن سخرية القدر أن ينام المدير ذات ليلة ليوقظوه فجرا ويجد نفسه في الصباح رئيسا، وهو يحمل في يده البطاقة البيضاء التي كانت تمنحه حق التصرف في المال العام ليحاول رفعها بعد ذلك من أجل مصادرة آراء الناس .
4/ الوزير والوالي السابق المعروف والمعروف اختصارا باسم "والي التراب " الذي عرف بالمحسوبية والقبلية في تسييره لشؤون المواطنين وليست فضيحة حي " "الفلوجة " في انواكشوط ببعيدة
5/ عراب ولد الطايع الذي عرف بمهادنته للأنظمة المتعاقبة قبل أن تأتي صحوته المتأخرة ليعمل على تجفيف المصادر غير الشرعية للمال العام بعد أن نهب منه حتى شبع في عهد حكم ابن عمه .
6/ الوزير والوالي السابق الذي عرف بلقب (قمح أمبود) حين فصله الرئيس السابق محمد خونا ولد هيداله بعد احتياله على كميات من القمح كانت موجهة لمساعدة المواطنين في مدينة (أمبود) ، ويتهمه البعض بأنه كان شاهدا على تسفير الزنوج الموريتانيين خلال أحداث 1989 .
هذه مجرد نماذج لمن يفترض أن تتوفر فيهم صفات يمكن لصاحبها أن يخلف الرئيس الذي ينادى بإسقاطه، والذي كان هو نفسه شاهدا على نزاهة انتخابه، فهل هي نماذج يمكن الوثوق بأن دوافع أصحابها ليست سوى محاولة لامتصاص المزيد من عرق الواقفين تحت لهيب الشمس الحارقة؟ وإذا وقعنا عريضة الرحيل ولم نستنكر (صوت ...) المنادي بالرحيل فأي هؤلاء سيكون البديل؟ .
محمد فال ولد القاضي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق