رغم التهويل الإعلامي الصخب المواكب لإحالة جامعة الدول العربية ملف الأزمة السورية إلى مجلس الأمن الدولي، والمتزامن مع التحريض القطري للمجموعات المسلحة على متابعة نشاطها الأمني بذريعة "الدفاع عن النفس" في سبيل إنهاك السلطات السورية، ومحاولة زيادة الضغوط عليها لتحسين شروط التفاوض معها، بعد فشل كل محاولات النيل من سورية ودورها في دعم حركات المقاومة في المنطقة، تأتي اليوم خطوة "الإحالة" إلى مجلس الأمن، لتشكل تراجعاً استراتيجياً واضحاً، وهروباً...
إلى الأمام، ومحاولة إقصاء ذاتي لبعض الدول العربية عن إدارة المؤامرة على سورية، بعد اقتناعها الضمني بقوة النظام في دمشق وتماسكه، والتماسها للتأييد الشعبي الكبير الذي يحظى به، ما يحتم سقوط أي محاولة جديدة لاستهداف الاستقرار السوري من الداخل، أو من خلال تسلل المسلحين وعمليات تهريب السلاح إلى الأراضي السورية عبر الدول المجاورة.فبعدما سُدّت كل الطرق في وجه المتآمرين، وباتوا على وشك إعلان فشلهم في تنفيذ الأجندة الأميركية - الأوروبية الموكلة إليهم، والرامية إلى ضرب منظومة الممانعة في المنطقة التي تشكل سورية عمودها الفقري، قرروا اللجوء إلى مجلس الأمن لتحقيق هدفين في آن معاً.
أولاً: رمي "كرة النار" في المعلب الدولي، الأمر الذي يؤشر إلى سعي الجامعة العربية إلى التخلص من الملف السوري، خصوصاً بعد صدور التقرير الأول لرئيس لجنة المراقبين العرب محمد مصطفى الدابي الذي أقر بوجود مجموعات مسلحة تعمل على ضرب الاستقرار في سورية، وتعاون كبير من السلطات السورية مع مهمة المراقبين، الأمر الذي لم يكن متوقعاً لدى دول الخليج العربي، وشكّل عائقاً جديداً أمام مهتمها، وأخرجها عن طورها ودفعها إلى سحب مراقبيها من سورية.
ثانياً: إعطاء ذريعة عربية لأعضاء مجلس الأمن، لإقناع روسية والصين بالتخلي عن سورية، وتصوير الوضع السوري أمامها أنه وصل إلى حائط مسدود، بعد فشل الحلول العربية، وبالتالي حثهما على الموافقة على صدور قرار أممي يدين دمشق.
غير أن هذه الخطوة لم تشكل أي جديد، فالملف السوري طرح سابقاً على طاولة مجلس الأمن، فلاقى رفضاً روسياً - صينياً مشتركاً لاتخاذ أي قرار دولي يشكل اعتداء على السيادة السورية، ما دفع أصحاب مشروع المؤامرة إلى إحالة "الملف" إلى الجامعة العربية، ما يشير إلى أن مشروع قرار إدانة النظام السياسي السوري عاد من حيث أتى وبات يدور في حلقة مفرغة، خصوصاً أن التشدد الروسي - الصيني، لايزال قائماً في رفض صدور أي قرار عن مجلس الأمن ينتهك السيادة السورية في ضوء تأكيد موسكو موقفها الثابت حول ضرورة تذليل الأزمة السورية بطرق سياسية ودبلوماسية وعبر حوار وطني شامل، دون أي تدخل خارجي.
أما الموقف الروسي الأشد حيال سورية، فعبرت عنه روسيا برسالة عسكرية، من خلال تزويد الجيش السوري بطائرات "ياك 130" المخصصة لمؤازرة الجنود في القتال الميداني، وإطلاق صواريخ جو - جو، لمواجهة الطيران المعادي.
وعلى الصعيد الأمني، أكد مصدر مقرب من دمشق، أن الحدود اللبنانية - السورية لاتزال تشكل مصدر قلق لدمشق، في ظل عدم استجابة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لطلب السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، تعزيز الوجود الأمني اللبناني على الحدود، لمنع أعمال التسلل وتهريب السلاح إلى العمق السوري.
في المحصلة، تشير كل الوقائع الميدانية والمعطيات السياسية إلى أفول المؤامرة على سورية ، فإن محاولات التضليل الإعلامي والسياسي، لن تغيّر في الواقع شيئاً.
المصدر: جريدة الثبات اللبنانية – بقلم حسان الحسن+قناة الدنيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق