أهلا بكم

الجمعة، 16 مارس 2012

موازين: خبايا "مهرجان الملك"

تمة حقائق مثيرة تحتفظ بها ذاكرة مهرجان موازين المثير للجدل، وهو يدخل نسخته الحادية عشرة، ويعيد النقاش إلى الواجهة من جديد، وإن كان الجدل حول الجوانب المالية و"الأخلاقية" تطغى على الشعارات المناوئة، باعتبارها جوانب مثيرة في الموضوع، إلا أن الموضوع يخفي مجموعة من أنواع الزواج في الملفات التي يقبض عليها مربع القصر بالنواجذ، لن يكون زواج سلطة المال والثقافة سوى جزءا من تلك المنظومة، ليشكل لوبيا تتداخل فيه المصالح...

1
ولتوصيف هذه المصالح وجب الدخول إليها من المدخل الرئيسي الذي تجتمع (هذه المصالح) عليه وفيه ، والذي لن يكون سوى سلطة المال، وتبدأ من "جزئية بسيطة" لم تذكرها الصحافة من قبل، ولا ولجت أبواب التداول في الأوساط الشعبية، التي رددت كثيرا من الأرقام حول أجور الفنانين، تتعلق (الجزئية الكبيرة) بمبالغ مالية توصل بها المدير السابق للأمن الوطني الشرقي الضريس (الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية) في النسخة الأخيرة لمهرجان موازين، وقام بتوزيعها على مسؤولي الإدارة ورؤساء الفرق التي باشرت الجوانب الأمنية للمهرجان، بلغ حدها الأدنى لدى هؤلاء الرؤساء عشرين ألف درهم لكل مسؤول. تحت أي سند قانوني صرفت هذه المنح؟
2
وتتمثل الحقيقة الثانية، والمرتبطة بالجانب المالي للمهرجان أيضا، بخبر عابر، لم يتوقف التحليل على أبوابه، ولا تم تداوله بالكيفية التي يجب، ويتعلق بقرار حسن بوهمو، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للاستثمار، مقاضاة موقع إلكتروني يبث من فرنسا أمام المحاكم الفرنسية، وذلك بعد نشره لمقال يتهم بوهمو بممارسة الابتزاز والضغط من اجل جمع الدعم المال لمهرجان "موازين"، وجاء رد فعل بوهمو بعد نشر موقع "مغرب كونفدنسيال" أن الأخير "اشترط على مدير أمريكي على رأس شركة للطاقة بالمغرب منح 5 ملايين دولار لدعم مهرجان "صاعد" مقابل تسهيل استثمارات الشركة في المغرب"، فما عدد الشركات التي تخضع للضغط والابتزاز في الصمت يا ترى؟
3
الحقائق الأخرى تلك التي كشفها كتاب "الملك المستحوذ" أو "المفترس" في ترجمة أخرى، حين تحدث عن كيفية إدارته للأزمة المالية التي ألمت بالمهرجان سنة 2006، وتكليف الملك محمد السادس لكاتبه الخاص منير الماجدي شخصيا لإنقاذ المهرجان من الإفلاس، وبدء الأخير في تغيير البرمجة كلية لبدء استدعاءات وصفت بالكبرى ك"إلطون جون" و"شاكيرا" لزيادة الاستقطاب الجماهيري. وكشف الكتاب عن الأسماء الوازنة بسير ذاتية عالمية تشارك في الإشراف على "موازين" كمنصف بلخياط وزير الشبيبة والرياضة السابق، وعباس عزوزي مدير قناة "ميدي 1 تي في"، وعزيز أخنوش وزير الفلاحة الحالي، وعثمان بن جلون الرئيس المدير العام للبنك المغربي للتجارة الخارجية...في جمعية "مغرب الثقافات" التي يديرها الشبيهي في الواجهة ويرأسها منير الماجدي وبجانبه حسن بوهمو.
4
وإذا كان المهرجان صرف ما يناهز 62 مليون درهم سنة 2011، وهو مبلغ كبير مقارنة مع الأزمة المالية التي دخل المغرب أبوابها، فإنه من العبث الحديث عن المال العام والمال الخاص، ففي يد الهولدينك الملكي، يختلط العام بالخاص، إضافة إلى ما كشفه الكتاب (الصفحة 178 من النسخة الإلكترونية باللغة الفرنسية) من مساهمة مؤسسات عمومية وخاصة، كاتصالات المغرب، وصندوق الإيداع والتدبير، والمكتب الشريف للفوسفاط، والخطوط الملكية الجوية التي تعيش أزمة مالية خانقة، تجعلها بين الفينة والأخرى تلجأ إلى الدولة... ووصل عدد المساهمين إلى عشرين مؤسسة ومقاولة كبرى عامة وخاصة...
إن أسئلة مشروعة تولدها هذه الحقائق، تتمثل في الأسباب والدوافع التي تتحكم في فرض مهرجان ثقيل ماديا على المغاربة ولأية أهداف؟ وما المصالح التي تجمع القائمين عليه بشكل مباشر او التي تجمع المساهمين الماليين بالقائمين على المهرجان، وفي مقابل ماذا تتم المنح والمساهمات؟ وإلى أين يمتد أخطبوط المال للسيطرة على الساحة بعدما اخترق المؤسسة الأمنية ؟ ألا يوجد أيضا في الجسم الصحافي، في الإعلام العمومي الذي ينقل سهرات موازين بشكل مباشر، ألا يخترق مؤسسات أخرى ليحافظ على بقائه؟...
5
بكلمة
تستمر رحى الاستحواذ في كبح جماح التغيير، وترمي بشباكها في بحر عارٍ، وهي السياسة التي عاشها المغرب إبان أوج الحراك الشعبي، حين هم القصر بتمرير جملة رمى بها نور الدين عيوش في ندوة بالرباط (وكان إلى جانبه حسن أوريد)، وهو يردد أن الملك سينأى بنفسه عن ساحة المال والاقتصاد، وسيقوم بتفويت الشركات والمؤسسات التابعة للهولدينغ الملكي، قالها نور الدين عيوش في مقابل إعادة سوق من أسواق الإشهار لشركته بعدما حرمه منها حسن بوهمو والتي تشكل الجزء الأكبر من نشاطه الاقتصادي (جزء آخر من اقتصاد الريع)... ولم تكن الجملة سوى التفافا أراد رمي كرة الثلج في النار، لقد التف القصر على مطالب الشعب في فصل الحكم عن سلطة المال، وعدم الجمع بينهما... لم يأبه أحد إلى تحذير ابن خلدون من الزواج الباطل بين السلطة والمال... والمقدمات ذاتها تؤدي إلى ذات المآلات...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق